أثارت
حادثة التشويه و التحطيم العمدي للفسيفساء
التي تم اكتشافها بجيجل منذ يومين حالة من الاستهجان لدى شريحة واسعة من المواطنين
و المهتمين بالتاريخ و بالموروث المادي للجزائر ، فرغم أن الاكتشاف كان منذ
البداية ظاهر للعيان بدليل أن مواطنا غيورا كان حاضرا عند اكتشاف الفسيفساء، و بعد
أن نظفه قليلا و أخذ صورة بهاتفه للاكتشاف أنطلق راكضا نحو متحف كتامة الذي يبعد 300 مترا فقط عن موقع الاكتشاف ، ليخبرهم و يعود مباشرة
للموقع ليتفاجئ أن التاريخ مٌسح في ظرف نصف ساعة ، لقد عبثت به أسنان الجرافة التي
نفذت أمر جاهل يستحق المحاكمة ، الفسيفساء ضاعت للابد و التاريخ لم يعد له معنى في هذا البلد.
في الحقيقة هذه الحادثة ذكرتني بحوادث أخرى وقعت
هنا بسطيف ، أهمها على الاطلاق الكنوز الاثرية التي تم اكتشافها في تسعينات القرن
الماضي من طرف أحد المقاولين عندما كان يشرف على أشغال إنجاز مرفق عمومي بوسط
مدينة سطافيس الرومانية (عين الكبيرة حاليا ) ، أين عثر على أثار قيل أنها ذات
أهمية تاريخية كبيرة منها قطع نقدية ، أواني فخارية ، أدوات إضاءة قديمة جدا ، مطاحن
حجرية تقليدية ، تماثيل حجرية و برونزية و غيرها ، و أخبرني شاهد عيان أن المقاول
نقل الكثير من هذه الاثار الى وجهة مجهولة و لم يعرف أحد لحد الان مصير تلك الاثار
و أين ذهبت و كيف تم التصرف فيها .
الكثير
من أثار الجزائر عامة و أثار المدن الرومانية و البيزنطية و حتى الإسلامية القديمة
خاصة ضاعت من بين أيدينا ، فقد طال العبث و التشويه و الاستهتار و طمس المعالم كل موروث
تاريخي يكتشف في مواقع الورشات بحجة عرقلة سير الورشة و تأخير العمل .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عاشور جلابي / صوت سطيف .