الوسطاء و السماسرة يلهبون أسعار الخضر و الفواكه.
ارتفاع كبير لأسعار الخضر و الفواكه الموسمية بأسواق ولاية سطيف و الجزائر ككل و خاصة بالنسبة لبعض السلع الواسعة الاستهلاك خاصة البطاطا و الجزر و البصل و الطماطم و اللفت و هو ما يحرم فئة عريضة من المواطنين من تناولها و السبب طبعا كثرة الوسطاء و السماسرة خلال مرور المنتوج عبر مختلف المراحل قبل وصوله إلى المستهلك و الضحية الأولى المواطن الضعيف .محطات غسل الخضروات حلقة مهمة في التبادل التجاري ورغم ذلك فهي تعمل خارج إطار القانون.
رغم كل الدعم الموجه للفلاحين و للشباب للاستثمار في القطاع الفلاحي إلا أن مهنة غسل الخضر لا تزال تسير بنفس الآلات القديمة ، ولا يزال العمال الذين يمارسون هذه المهنة يعانون من جشع السماسرة و المستقبل المجهول ففي الجهة الجنوبية لولاية سطيف و خاصة ببلديتي قجال و عين الحجر ، تنتشر الكثير من هذه المحطات ، كل محطة تشغل من 4 حتى 8 شباب أغلبيتهم من الجنوب الجزائري خاصة من ولاية الجلفة و المسيلة ، عند زيارتنا لهذه المحطات وقفنا على وضعية العمال الشباب الذين يعملون بها بدون تأمين و بأجر زهيد و يبيتون في أكواخ تنعدم فيها أدنى شروط الحياة ، تحدثنا مع هؤلاء الشباب و منهم هشام الشاب البالغ من العمر 20 سنة أتى من ضواحي بوسعادة ولاية لمسيلة قال لنا انه يمارس هذه المهنة منذ أكثر من سنة و رغم انه يبدو في صحة جيدة إلا انه ابلغنا أنها مهنة متعبة جدا و أضاف انه رغم علمه أنه لا مستقبل له في هذه المهنة إلا انه مضطر للعمل لإعالة عائلته فقد توفي والده و لا معيل لأسرته المكونة من ستة أفراد ،هشام غير مؤمن و يتقاضى مبلغ يتراوح بين 800 إلى 1200 دج في اليوم ، عندما لا تكون هناك سلعة فلن يكون هناك عمل في ذلك اليوم ،فالأجر يتعلق بعدد الصناديق التي يتم غسلها ، هشام الذي يزور عائلته مرة كل شهر تقريبا يأمل أن يجد عمل أخر يكون فيه مؤمنا اجتماعيا و قريبا من عائلته ، أما عن ظروف إقامته بالكوخ المتواجد بجانب المحطة ابلغنا هشام ، أنهم اعتادوا على هذا الأمر و هو يقدم شكره لبعض سكان المنطقة الذين لا يبخلون عليهم من حين لآخر ببعض الأكل و دعوتهم للمناسبات بالجهة ، و ينطبق حال بقية العمال على حالة هشام و لكننا وجدنا بينهم أحد الشباب الصغار لا يتجاوز عمره 17 سنة و قد بدأ العمل منذ شهر فقط و عندما سألناه ، لماذا لا تذهب لمراكز للتكوين المهني و تحصل على دبلوم في مهنة معينة ، أجاب انه مضطر للعمل فظروف عائلته الاجتماعية تحتم عليه العمل و جمع قدر من المال رغم صغر سنه و هشاشة عظامه.أغلب المحطات لا تشغل إلا أفراد العائلة بعيد عن أجهزة الرقابة و الضرائب.
في إحدى هذه المحطات وجدنا صاحب المحطة مندمج في العمل مع بقية العمال ، في البداية لم يستريح لمحاورتنا و لكن بطريقتنا الخاصة تمكنا من التحدث إليه ، سألناه لماذا لا يقوم بطلب إعانة من طرف الدولة و يستثمر في هذه المهنة بشراء محطة عصرية يشغل بها عدد اكبر من العمال بطريقة شرعية و قانونية ، أجاب أنه أولا لا يشغل عمال غرباء عن العائلة فكل من هو موجود في المحطة هم من أبنائه أو أبناء أقاربه ، أما بالنسبة لطلب الإعانة فهي غير مجدية بالنسبة له فهذه المحطة بالنسبة له دخل إضافي للعائلة و هي لا تشتغل إلا في الفترات التي يكون فيها المنتوج متوفر و بأسعار ملائمة و هو غير مضطر لاستبدالها بأخرى عصرية تزيد عليه أعباء غير منتهية .و عن مداخيل المحطة ،أجاب في الكثير من الأحيان تكون المداخيل متواضعة لأن تجار سوق الجملة يتحكمون في الأسعار فهم يشترون بأثمان منخفضة و يبيعون لتجار التجزئة بأثمان مرتفعة ، فاليوم مثلا قمنا بشراء كمية من اللفت من مزارع بثمن 20 دج/ كلغ ، قمنا بغسلها و تهيئتها في صناديق ، و نحن الآن بصدد بيعها لتاجر جملة و الثمن الذي اتفقت عليه معه هو 30 دج للكيلوغرام الواحد و هو ثمن معقول جدا باعتبار أن وزن المنتوج بعد الغسل ينقص بحوالي 15% و طبعا سيبيعها هذا التاجر في غالب الأحيان بسوق الجملة بسعر لا يقل عن 40 دج للكيلوغرام الواحد و هو ضعف ثمن شرائها من عند الفلاح ، و أكيد ستصل للمواطن بسعر لا يقل عن 50 دج/ كلغ و هذا ينطبق على كل محاصيل الخضروات التي تخضع لعملية الغسل في المحطات .