حالة الطقس
يوم الخميس
28 مارس 2024
الساعة: 16:37:23
وزارة العدل: منصة رقمية للاتصال بالمحبوسين إلكترونياأبرز الملفات التي درستها الحكومة في اجتماعها اليومأمن دائرة العلمة :الإطاحة ب 03 نصابينالرئيس تبون : تأكيد على إيلاء الأهمية لاستكمال البرامج التنموية ب 04 ولاياتBRIسطيف توقيف 04 أشخاص وحجز نصف كغ من الكيف المعالج و5400 كبسولة من المؤثرات العقلية.
البيئة بين ضرورة الاستدامة أو التدهور
مقالات و مساهمات القراء

                                  بقلم الأستاذ: كردالواد مصطفى*mestafaboulem@yahoo.fr

 

      تعتبر البيئة مبدئيا الحاضنة الطبيعية للإنسان فوجوده وعدمه مرتبط بها ارتباطا عضويا؛ ذلك لأنها تمدُّه بالعناصر الأساسية اللازمة لحياته كالغذاء والماء والهواء، كما تمدّه بكل ماتحتاجه نشاطاته الفلاحية والصناعية والتجارية.
   غير أن واقع البيئة في عالم اليوم آخذ في التدهور والانحطاط أكثر؛ حيث تعيش العديد من الأنظمة الإيكولوجية Ecosystems لكوكب الأرض في وضعية جدّ حرجة، وبعضها الآخر على مشارف الانهيار التام. فهذه الأنظمة الإيكولوجية لم تكن لتصل إلى هذا  الحال السيّئ لولا النمو السكاني المتسارع، والطفرة الاقتصادية السريعة التي عرفتها العديد من الاقتصاديات في العقود الأخيرة[1].
   حسب بعض التقارير ستتزايد موجات التعرض للتهديدات البيئيةThreats  Environmental وحوادث الطقس المتطرّفة كموجات الجفاف والفيضانات، وفي حال ما إذا ارتفعت فقط درجة حرارة الأرض بأكثر من 2 درجة مئوية؛ فسوف يؤدي ذلك إلى تسارع ارتفاع مستويات مياه البحر؛ مما سيتسبب في غرق العديد من الدول الجزرية الصغيرة، ونزوح واسع للناس في المناطق المنخفضة خاصة في كل من الفيتنام ومصر والبانغلاداش[2].
    تميل العديد من الدراسات والتحاليل إلى الرّبط بين الانحطاط البيئي والنزاعات؛ حيث يُصنّف التغيّـر المناخي مثلا كتهديد محفّـز على نشوء الصراعات العنيفـة[3]. وهذا ما يفسر حدود العلاقة بين البيئة والأمن بمفهومه الصلب واللين، لأنّ الإنسان يستمدّ أمنه من بيئته خاصة الطبيعية منها، وأي خلل فيها أو نقص في مواردها سوف يُعرّض أمنه للتهديد والخطر بطريقة أو بأخرى.
   وفي هذا السياق يرى توماس هومر ديكسون Homer- Dixon Thomas  أحد المشتغلين على مسائل البيئة والأمن في كتابه Environment,Scarcity,and Violence بأنّ ندرة الموارد البيئية إذا تفاعلت مع عوامل أخرى يمكن أن تقود إلى اندلاع الصراعات المسلحة[4].
    والشاهد في ذلك أن الموارد الطبيعية شكّلت محور العديد من النزاعات والصراعات؛ ففي الفترة الممتدة من 1990إلى غاية 2002 شهد العالم حوالي 17 نزاع؛ حيث كان الماس في أنغولا، والأحجار الكريمة في أفغنستان، والأخشاب في ليبيريا، والنحاس والذهب والكوبالت والأخشاب في جمهورية الكونغو الديموقراطية في صلب هذه النزاعات الأهلية. كما شكّلت هذه الموارد الطبيعية مصدر تمويل مادي هام للأطراف المتنازعة؛ ففي سيراليون مثلا كانت صناعة الماس غير الرسمية مصدرا لتمويل متمرّدي الجبهة الثورية المتحدة[5].
    وعليه؛ إن استمرّت الأنماط الانتاجية والاستهلاكية الحالية للموارد الطبيعية على هذه الوتيرة مع الزيادة السكانية المرتقب ارتفاعها لتصل إلى حوالي 9.6 مليار نسمة؛ فإنه بآفاق سنة 2050 سوف تحتاج البشرية حينها لثلاثة كواكب بمواردها من أجل ضمان استدامة الحياة[6].
    من أجل علاج هذه الأوضاع البيئية الحرجة وجب تفعيل مبدأ الإستدامة البيئية، فهو من جهة أي هذا المبدأ يعتبر كأحد الأهداف الثمانية التي تبنتها الأمم المتحدة أثناء انعقاد قمة الألفية World Summit التي جمعت قادة العالم سنة 2000، ومن جهة أخرى يهدف مبدأ الإستدامة البيئية إلى حماية البيئة المشتركة لجميع سكان المعمورة[7]، وتخليص الأجيال المستقبلية من العيش على سطح كوكب أفسدته يد الإنسان؛ بشكل جعل من موارده الطبيعية لا تستطيع تلبية حاجات الأجيال الحالية والقادمة، وسببا للعديد من الصراعات والحروب المندلعة عبر مناطق العالم. 
     لتحقيق أهداف الإستدامة البيئية Environmental Sustainability وجب تغيير أنماط الانتاج والاستهلاك غير المستدامة[8]، واتّباع طرق جديدة ومبتكرة تقوم على الرّشادة البيئيةGovernance  Environmental في مجال الانتاج والاستهلاك معا. وبما أن الحاجات الإنسانية تختلف بين أفراد الجيل الواحد ومن جيل لآخر، ينبغي إذن تفعيل ضوابط الإنصاف والعدالة؛ من أجل تمكين جميع الأجيال من الانتفاع والتمتع المتساوي بموارد الكوكب الأرضي.
   في الأخير، يُفترض في العلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة أن تكون علاقة متبادلة؛ فكما أن البيئة تمنح مواردها للإنسان وتلبي حاجاته بما يضمن أمنه وبقائه على قيد الحياة، يُفترض في هذا الإنسان ألاّ يُفْرِط في استهلاك مواردها الطبيعية، وألاّ يُتلفها بشكل يمكن أن يمسّ بقدرة كوكب الأرض على تجديد موارده خاصة غير المتجدّدة منها.
 
 *باحث في الحقوق والأمن.

 

 



[1]  برنامج الأمم المتحدة للبيئة:www.unep.org

  يقول المهاتماغاندي:" لقد استهلكت بريطانيا نصف موارد هذا الكوكب لتحقيق رفاهيتها فكم عدد الكواكب التي ستحتاجها الهند للتنمية؟" فـي: برنامج الأمم المتحدة للتنمية: تقرير التنمية الإنسانية 2005، ترجمة غسّان غصن، ماريا أبو خليفة، عمر الأيّوبي، سعيد العظم محمد شومان، بيروت: مطبعة كركي، ص 39.

[2]  برنامج الأمم المتحدة للتنمية: تقرير التنمية الإنسانية 2007/2008، نيويورك ولبنان: شركة الكركري للنشر، 2007، ص ص23-24.

[3] Unicef : Climate change and children: A human security challenge, Policy review paper, UNICEF Innocenti Research Centre, Italy,2008,p.2.

[4] Matt McDonald, Making Waves ? The Environment and Security as a Contracting Discourse, The International Journal of Human Rights, http://dx.doi.org/10.1080/71400372.

[5] برنامج الأمم المتحدة للتنمية:  تقرير التنمية الإنسانية 2005، مرجع سابق، ص ص161-166.

[6]  برنامج الأمم المتحدة للبيئة، المرجع السابق.

[7] قرار الجمعية العامة رقم (A/55/L2) المتضمن إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، الدورة الخمسة والخمسون، الأمم المتحدة، 13 سبتمبر 2000، ص8.

[8] نفس المرجع، ص 3.

تم تصفح هذه الصفحة 27203 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions