غير أن واقع البيئة في عالم اليوم آخذ في التدهور والانحطاط أكثر؛ حيث تعيش العديد من الأنظمة الإيكولوجية Ecosystems لكوكب الأرض في وضعية جدّ حرجة، وبعضها الآخر على مشارف الانهيار التام. فهذه الأنظمة الإيكولوجية لم تكن لتصل إلى هذا الحال السيّئ لولا النمو السكاني المتسارع، والطفرة الاقتصادية السريعة التي عرفتها العديد من الاقتصاديات في العقود الأخيرة[1].
وفي هذا السياق يرى توماس هومر ديكسون Homer- Dixon Thomas أحد المشتغلين على مسائل البيئة والأمن في كتابه Environment,Scarcity,and Violence بأنّ ندرة الموارد البيئية إذا تفاعلت مع عوامل أخرى يمكن أن تقود إلى اندلاع الصراعات المسلحة[4].
وعليه؛ إن استمرّت الأنماط الانتاجية والاستهلاكية الحالية للموارد الطبيعية على هذه الوتيرة مع الزيادة السكانية المرتقب ارتفاعها لتصل إلى حوالي 9.6 مليار نسمة؛ فإنه بآفاق سنة 2050 سوف تحتاج البشرية حينها لثلاثة كواكب بمواردها من أجل ضمان استدامة الحياة[6].
من أجل علاج هذه الأوضاع البيئية الحرجة وجب تفعيل مبدأ الإستدامة البيئية، فهو من جهة أي هذا المبدأ يعتبر كأحد الأهداف الثمانية التي تبنتها الأمم المتحدة أثناء انعقاد قمة الألفية World Summit التي جمعت قادة العالم سنة 2000، ومن جهة أخرى يهدف مبدأ الإستدامة البيئية إلى حماية البيئة المشتركة لجميع سكان المعمورة[7]، وتخليص الأجيال المستقبلية من العيش على سطح كوكب أفسدته يد الإنسان؛ بشكل جعل من موارده الطبيعية لا تستطيع تلبية حاجات الأجيال الحالية والقادمة، وسببا للعديد من الصراعات والحروب المندلعة عبر مناطق العالم.
في الأخير، يُفترض في العلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة أن تكون علاقة متبادلة؛ فكما أن البيئة تمنح مواردها للإنسان وتلبي حاجاته بما يضمن أمنه وبقائه على قيد الحياة، يُفترض في هذا الإنسان ألاّ يُفْرِط في استهلاك مواردها الطبيعية، وألاّ يُتلفها بشكل يمكن أن يمسّ بقدرة كوكب الأرض على تجديد موارده خاصة غير المتجدّدة منها.
[1] برنامج
الأمم المتحدة للبيئة:www.unep.org
يقول المهاتماغاندي:" لقد
استهلكت بريطانيا نصف موارد هذا الكوكب لتحقيق رفاهيتها فكم عدد الكواكب التي
ستحتاجها الهند للتنمية؟" فـي: برنامج الأمم المتحدة
للتنمية: تقرير التنمية الإنسانية 2005، ترجمة غسّان غصن، ماريا أبو خليفة،
عمر الأيّوبي، سعيد العظم محمد شومان، بيروت: مطبعة كركي، ص 39.
[2]
برنامج الأمم المتحدة للتنمية: تقرير التنمية
الإنسانية 2007/2008، نيويورك ولبنان: شركة الكركري للنشر، 2007، ص ص23-24.
[3] Unicef : Climate change and children: A human
security challenge, Policy review paper, UNICEF
Innocenti Research Centre, Italy,2008,p.2.
[4] Matt
McDonald, Making Waves ? The Environment and Security as a Contracting
Discourse, The International Journal of Human Rights,
http://dx.doi.org/10.1080/71400372.
[5]
برنامج الأمم المتحدة للتنمية: تقرير
التنمية الإنسانية 2005، مرجع سابق، ص ص161-166.
[6] برنامج الأمم المتحدة
للبيئة، المرجع السابق.
[7]
قرار الجمعية العامة رقم (A/55/L2)
المتضمن إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية، الدورة الخمسة والخمسون، الأمم
المتحدة، 13 سبتمبر 2000، ص8.
[8]
نفس المرجع، ص 3.