بسم الله الرحمن الرحيم
"مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلًا."
صدق الله العظيم
ارتأيت أنه من واجبي أن أقدم شهادة تاريخية
في حق المرحوم الحاج اليزيد مولاي، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء
والصالحين والشهداء. نسأل الله أن يجمعه وابنه مولاي حامد في جنة الخلد والفردوس
الأعلى.
أشهد أن الأخ المرحوم اليزيد مولاي كان من
خيرة الناس، رجلاً صالحًا ومعطاءً لهذه الولاية الطيبة ولوطننا العزيز وللأمة
الإسلامية. كان دائمًا حاضرًا في الأعمال الخيرية والإنسانية التي يقوم بها نخبة
من المتعاملين الاقتصاديين لهذه الولاية المجاهدة الطيبة، فكان دائمًا يسخر وقته
وجهده لخدمة المجتمع.
سأذكر في هذا المقال بعضًا من العمليات
التضامنية على سبيل المثال وليس الحصر، فقد كان الأخ اليزيد مشاركًا في العديد من
العمليات التضامنية والخيرية.
عندما كنت أتصل به لأطلب منه المشاركة، كان
يضحك ويفرح، ويقول لي: "بارك الله فيك، فكرت فيّ وأشركتنا معكم في هذا الأجر
العظيم، جزاك الله خيرًا." وكان هو من يتصل بي بعد ذلك ليطمئن ويسأل:
"هل هناك حاجة أخرى؟ أنا في الخدمة."
رحمك الله، يا أخي اليزيد، ورحم الله ابنك
حامد. كنت رجلًا طيبًا وصالحًا، وقدوة لرجل الأعمال الخير الذي يخدم مجتمعه ووطنه
وأمته الإسلامية بصمت وإخلاص.
كانت أعماله الخيرية دائمًا خفية، فهو يؤمن
بأن "الخير لوجه الله، وإن شاء الله نلقى الجزاء عند الله عز وجل." هذا
ما كان يقوله لي دائمًا.
خلال جائحة كورونا، عندما كانت المستشفيات
بحاجة ماسة إلى كميات كبيرة من الأكسجين، وشهدنا تجند العديد من الإخوة الخيرين من
المتعاملين الاقتصاديين تحت إشراف غرفة التجارة والصناعة بسطيف لاقتناء المعدات
الطبية الضرورية وتجهيز كل مستشفيات والمراكز الصحية للولاية بأجهزة إنتاج
الأكسجين والمعدات الطبية، كان أخونا اليزيد مولاي من أوائل المبادرين للمساهمة
بكرم وسخاء في هذه العمليات التضامنية مع الإخوة الخيرين من رجال الأعمال.
عندما قررنا، نحن والإخوة من الخيرين
المتعاملين الاقتصاديين، إعادة تهيئة وتجهيز مستشفى الأطفال بكعبوب مع مصلحة أمراض السرطان للأطفال، واتصلت
به للمشاركة في هذه المبادرة الإنسانية، كان من الأوائل الذين استجابوا لدعوة الخير.
كان سباقًا إلى تجهيز المستشفى بكل ما يلزم من منتجات صحية عالية الجودة لتجهيز كل
غرف الاستحمام لهذا المستشفى. كان يحرص دائمًا على استخدام أفضل وأجود المواد
لضمان راحة المرضى، وكان يقول لي دائمًا: "هؤلاء أبناؤنا المرضى، يجب أن نوفر
لهم أفضل الظروف، فأوفر لهم الظروف التي هي في بيتي أنا." لم يكن اليزيد
مولاي يكتفي بتقديم الدعم فحسب، بل كان يحرص على توفير كل ما يحتاجه المستشفى من
سلع وأدوات، ويحتفظ بها في مخازنه خصيصًا لصالح المستشفى دون أن يعرضها للبيع في
محلاته لأن السلعة كانت ناقصة في السوق
آنذاك.
الحمد لله، اليوم أبناؤنا الأطفال المرضى
في مستشفى كعبوب في أفضل الظروف بفضل هذا الرجل والرجال الآخرين الأوفياء من
المتعاملين الاقتصاديين الخيرين.
رحمك الله، يا أخي اليزيد، وأسكنك فسيح
جناته، ورحم الله ابنك حامد. لقد كنت مثالًا يحتذى به في العطاء والخير.
كان اليزيد مولاي دائمًا في الصفوف
الأمامية مع نخبة من الخيرين من المتعاملين الاقتصاديين من هذه الولاية المجاهدة،
والذين ما زالوا يواصلون عملهم في الخير، بارك الله فيهم.
فيما يتعلق بحبه للعلم والتكوين، كان
المرحوم اليزيد مولاي من أشد الداعمين لتكوين الشباب والإطارات. فقد كان وراء كل
المبادرات الخيرية التي تقوم بها مدرسة INCG، المدرسة العليا للتجارة
والتسيير بسطيف. وكان من المؤسسين للجنة المسؤولية الاجتماعية "Excellence
éducative - التميز
التعليمي" في هذه المدرسة، وهو مشروع طموح يهدف إلى تعزيز التزام رجال
الأعمال بالتميز التعليمي. بالتعاون مع نخبة من المتعاملين الاقتصاديين، فلقد
أسسنا مشروعًا طموحًا يعزز تطوير المهارات المهنية للمواهب الشابة والطلاب ذوي
الإمكانات العالية والمتفوقين الاوائل. أسسنا مشروعًا يهدف إلى توفير الدعم اللازم
من رجال الأعمال الشركاء في هذا البرنامج لاستقطاب خريجي البكالوريا المتميزين
والراغبين في الالتحاق ببرامج تكوينية عالية المستوى. سيتاح هذا الدعم من خلال
برامج المنح الدراسية للجدارة والتميز، ودعم التدريب، وبرامج الراعية والمرافقة
الميدانية والتوجيه المخصص للطلاب المتميزين. كان هدفنا من خلال هذا المشروع
الخيري في التربية والتعليم والتكوين هو تشكيل نموذج يشجع على تطوير المهارات
الاستثنائية للشباب، ويضمن التكامل المهني الناجح، ويعزز الترحيب في المؤسسات
الاقتصادية بالطلاب ذوي الإمكانات العالية.
كان المرحوم اليزيد مولاي دائمًا يؤمن بأن
المواهب ورأس المال البشري هما المحرك الحقيقي لأي تطور اقتصادي مستدام وتطوير
تنافسية أي مؤسسة اقتصادية.
رحم الله هذا الرجل الطيب الصالح، وجعل كل
أعماله الخيرية في ميزان حسناته، وأسكنه فسيح جناته.
فأخونا المرحوم اليزيد مولاي كان يحرص دوما على التطبيق الفعلي لهذه الآيات
القرآنية:
قال الله تعالى:
- "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا
لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ." (البقرة: 110)
- "مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّـهِ
آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَـٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا
يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ
بِالْمُتَّقِينَ." (آل عمران: 113-115)
-"لـكِنِ الرَّسولُ وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ جاهَدوا بِأَموالِهِم
وَأَنفُسِهِم وَأُولـئِكَ لَهُمُ الخَيراتُ وَأُولـئِكَ هُمُ المُفلِحونَ* أَعَدَّ
اللَّـهُ لَهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها ذلِكَ الفَوزُ
العَظيمُ".
-"فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا
الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّـهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم
مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا".
-"فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ".
ارجوا منكم أن تنفعوه بدعائكم الصالح في هذا اليوم المبارك.
اللهم اجعل مثواه مع ابنه حامد في جنة
الفردوس الاعلى مع النبيين والصالحين والشهداء اولائك حسن رفيقا.
لا إله إلا الله محمد رسول الله
إنا لله وإنا إليه راجعون
لله ما أعطى ولله ما أخذ
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها.
المدير العام للمعهد العالي للتجارة
والتسيير
INCG Setif
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدقت يا أستاذ علي نعم هو فعلا رجلا من طينة الكبار رحمه
الله و أسكنه فسيح جناته ، أجتمع الناس على ذكره بالخير و الثناء عليه و على
اعماله الخيرية و الاجتماعية الكثيرة ، كانت جنازته من أكبر الجنازات من حيث عدد المشيعين بولاية سطيف
و ربما أكبرهم ، هذا يدل على أن موت الرجل
خلف أثرا عميقا في كل من عرفه أو سمع عنه .
رحم الله يزيد مولاي و ولده و أسكنهما فسيح جناته .
ــــــــــــــــ عاشور جلابي / موقع صوت سطيف