تعرف القضايا المجدولة بالدورة العادية لمحكمة
الجنايات الابتدائية والاستئنافية بدائرة اختصاص مجلس قضاء سطيف المنعقدة منذ تاريخ الفاتح جوان الجاري ، بطغيان قضايا الاغتصاب
والفعل المخل بالحياء على القصر على باقي القضايا الأخرى، حيث تم على مستوى محكمة
الجنايات الابتدائية تسجيل 28 قضية تتعلق بالاغتصاب والفعل المخل بالحياء بالعنف
على قاصر لم تبلغ 16 سنة من العمر وجنحة ابعاد قاصر لم تكمل 18 سنة من العمر وجنحة
تحريض قاصر على الفسق و فساد الأخلاق إضافة الى جنحة الاختطاف والتشهير والتهديد
بالقتل.
أما على مستوى المحكمة الاستئنافية فقد تم تسجيل
18 قضية ما بين جنحة وجناية بنفس. وبعملية حسابية بسيطة فإن هناك 28 قضية من بين 101 قضية على مستوى
المحكمة الابتدائية ،و18 قضية من بين 83 قضية مسجلة على مستوى المحكمة الاستئنافية
وهو ما يدق ناقوس الخطر حول تفاقم ظاهرة الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على القصر
في مجتمع أقل ما يقال عنه أنه مجتمع محافظ.
الدكتور محمد أمين دعيش استاذ باحث بقسم
علم النفس بجامعة سطيف 2 أكد لصوت سطيف أن الاعتداء على القصر ظاهرة يعاني منها
المجتمع وكانت موجودة من قبل وليست بالجديدة وإنما كانت خفية، مؤكدا أن اسبابها
عميقة ومتعددة وموجودة في تكوين المجتمع إلا أنها بدأت تطفو للسطح بفعل التغير
الديمغرافي والتطور التكنولوجي والاعلامي وبروز وسائل التواصل الحديثة، مضيفا أنه
بعد تحليل واقع الجريمة نجد أن غالبية القضايا مرتبطة بتعاطي أنواع المخدرات
والمهلوسات التي عرفت انتشارا واسعا خلال السنوات الأخيرة ،كما اكد ذات المتحدث أن
ظاهرة الاعتداء على القصر لها اسباب نمطية في علم النفس منها النمط الاستغلالي
الذي كان منتشرا بكثرة في السابق ومعناه عدم توفر جانب الإفراغ الجنسي (المرأة)
وبالتالي يلجأ المعتدي لاستغلال القصر من الجنسين ،أما في عصرنا الحالي ومع انتشار
الفساد الاخلاقي والرذيلة وتوفر الشريك الاخر أي الانثى فالاعتداء على القصر سببه
نمط مرضي مرتبط باضطرابات سلوكية لها اسبابها كذلك، اضافة الى وجود ميكانيزم
التباهي بالمعتدي أي أن المعتدي سبق وان تم الاعتداء عليه هو الآخر فيصبح معجبا
بشخصية وسلوك المعتدي فيحاول تقمص شخصيته من خلال اعتداءه على القصر كما قد يكون
له جانب انتقامي
و اضاف الاخصائي النفساني أن الاولياء
كانوا في السابق يتكتمون على الاعتداءات التي تطال ابناءهم تجنبا للفضيحة اما
مؤخرا فأصبح اللجوء الى العدالة أمرا لابد منه لكبح مثل هذه السلوكات.
و حول كيفية حماية أبناءنا من هذه الآفات
والحلول المقترحة في الإسلام لتحصين المجتمع فقد أوضح لصوت سطيف الدكتور عبد
الحفيظ بن زاوي إمام مسجد سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بحي 750 مسكن بسطيف
أن الله سبحانه و تعالى أعطانا في القرآن الكريم قاعدة عظيمة وهامة للحياة السعيدة
أو الشقية وميزانا عظيما خالدا حينما قال تعالى" ومن اتبع هداي فلا يضل ولا
يشقى ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" ،لذلك لا
تكون حياتنا هنية وسعيدة ملأها التراحم والتعاون على كل ما هو خير إلا في ظلال
صراط الله المستقيم ،وإذا ابتعد المجتمع عن هذا الطريق فلا شك أن النتيجة تكون
المعيشة الضنكا التي نراها اليوم في صور وأشكال عديدة مثل تمرد الابناء على
والديهم أو نشوز الزوجة على زوجها وكثرة الطلاق وشرود الابناء، ونراها في هذه
الظاهرة التي استفحل أمرها كثيرا وهي ظاهرة الاغتصاب والاعتداء على القصر والشذوذ
وهي في الحقيقة انحراف عن الدين والفطرة وتحقيق للنتيجة التي ذكرها القرآن الكريم
للمجتمع والفرد الذي يُعرض عن ذكر الله، وربما ستنتظر بروز ظواهر أخرى مادام
الإنسان ابتعد عن الفطرة وعن الدين وشرد بعيدا نسأل الله تعالى العافية ،لذلك إذا
أردنا أن نحمي ابناءنا من هذه الظاهرة فأعظم حماية هي حماية الدين وتحصين أبناءنا
منذ نعومة أظافرهم ،وأعظم حماية هي حماية القرآن الكريم،ولمّا نقرأ في تاريخنا نجد
أن أول ما يُعطى للولد والبنت من علوم وحصانة هو القرآن الكريم حتى يكون له حصانة
من الغوائل التي يتعرض لها في حياته، لذلك دور المساجد في نشر التعليم القرآني دور
عظيم، وعندنا برنامج المدرسة الصيفية التي نعلن عنه دائما في مثل هذا الوقت أين
تنتشر مثل هذه الظواهر السيئة،كما أن الاولياء لهم دور عظيم في حماية الابناء إلا
أننا نرى استقالة أسرية في أداء دورهم وإعطاء الجهد الاكبر من أوقاتهم للأبناء
خاصة مع هذه التقنيات الحديثة التي سلبت عقول الابناء والتي يُراد من خلالها سرقة
عقولهم وبالتالي توجيههم كيفما يشاؤون،وقد علمنا النبي صلى الله عليه سلم حديثا
عظيما عندما قال:"ليس منا من لم يُوَقِر كبيرنا ويرحم صغيرا ويعرف لعالمنا
حقه" اي أنه ليس منا ولا على طريقتنا ولا هدينا ،فالكبير له قدره في الاسلام
والصغير له احترامه ورحمته مطلوبة، ويقول صلى الله عليه سلم في الحديث الذي أخرجه
الترمذي "أُبغوني في ضعفائكم فإنما تُنصَرون وتُرزَقون بضعفائكم" فإذا
رأيت مجتمعا يرحم الصغير و يحترم الكبير ويرحم الأرملة والمسكينة التي لا عائل لها
ولا يتركها عرضة للانحراف والتسول فاعلم أن هذا المجتمع محصن ومتماسك بالاخلاق
التي أرساها الاسلام،إذاً حتى نحمي أبناءنا و المجتمع من هذه الظواهر لابد لنا من
تحصينهم بالقران كما ينبغي أن لا نُغفل أيضا دور الاولياء ودور التعليم،فالتحدي
الذي نعيشه كبير لكن أعتقد أن بقدر ما تكون الحصانة والجرعة التي يأخذها الطفل
والبنت في البيت بقدر ما تكون الحماية بإذن الله تعالى من هذه الظواهر والله أعلم.
وبين هذا وذاك يبقى الجانب الردعي من بين الحلول الناجعة لمحاربة هذه الظاهرة وذلك من خلال ترسانة من القوانين الردعية التي وضعها المشرع الجزائري لأن المقولة الشهيرة تؤكد بأن الله يُغيّر بالسلطان ما لا يُغيّر بالقرآن
ـــــــــــــــــــ أسامة فخر الدين قيسي