مع حلول كل مناسبة دينية يكثر الجدل
والكلام هنا وهناك حول قضايا ومسائل فقهية ، أين يحاول البعض التشويش على المرجعية
الدينية ببلادنا والتي تستند في إصدار الأحكام الشرعية إلى مراعاة المصلحة العامة
مع الحفاظ على الإطار العام للشريعة السمحة، وحول الجدل القائم عن زكاة الفطر كل
سنة ،أجرت صوت سطيف حوار مع مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية سطيف الشيخ سليم
لرقم الذي رفع اللبس وأوضح بعض النقاط المهمة حول هذه الفريضة
صوت
سطيف: بدايةً السيد المدير ذكرنا باختصار
بأحكام زكاة الفطر ؟
الشيخ سليم لرقم : زكاة الفطر واجبة بموجب أمر
النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بإخراجها عن كل نفس منفوسة من المسلمين صغيرا
أو كبيرا، وموعد إخراجها يكون ليلة أو ليلتين قبل عيد الفطر كما أن مقدار إخراجها
صاع من طعام، حيث حدد النبي صلى الله عليه وسلم أصنافه من الحبوب أو التمر أو
الزبيب وغيرها من الأصناف السبعة، ويقول سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنها
طُهرة للصائم وطُعمة للفقير والمسكين، ويُشبّهُها الفقهاء بأنها تأتي بالنسبة
للصائم الذي يقع منه أحيانا في صيامه بعض التصرفات وبعض السلوكيات التي تتنافى مع
حقيقة الصيام دون أن تفسده فإن زكاة الفطر تأتي في مقام سجدتي السهو بالنسبة
للمصلي، فالمصلي الذي يسهو في صلاته ولا تبطل إنما يجبر نقصها بسجود السهو وكذلك
حال الصائم الذي يصوم ويقع منه نقص أن يفسد هذا النقص صيامه فلا يوجب عليه القضاء
وإنما تأتي زكاة الفطر لكي تطهره من هذا النقص وتكون طعمة للفقير لحديث النبي صلى
الله عليه وسلم : " أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم".
صوت
سطيف: ماذا عن الجدل القائم حول كيفية إخراجها نقدا أو قيمةُ؟
الشيخ سليم لرقم : بالنسبة لكيفية إخراجها فإنه من المعروف عند المذهب المالكي والشافعي
والحنبلي أنها تُخرج من الطعام من الأصناف التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم،
ما عدا فقهاء الحنفية وبعض كبار التابعين وفقهاء مذاهب مندثرة الذين قالوا بجواز
إخراجها نقدا، واليوم في عصرنا ونظرا للتطورات وما استجد في حياة الناس، رأت لجنة
الفتوى الوطنية منذ سنوات أن زكاة الفطر الأولى أن تُخرج نقدا لأنها الأنفع
بالنسبة للفقراء والمساكين والمحتاجين، لأن بها يستطيع هؤلاء أن يقتنوا ما شاءوا
من احتياجاتهم المادية، بخلاف إذا أُعطي هؤلاء قيمتها من الحبوب أو السميد كما هو
جار العرف عندنا في الجزائر فإنه يجتمع في البيت الواحد القناطير من السميد دون
الانتفاع به فتضطر الأسر إلى بيعه أقل من سعره الحقيقي فتخسر ولا يستفيد من وراء
هذا إلا التجار وهذا ما شهدناه في الواقع المعاش، وبالتالي فإننا لم ننفع الفقير
بهذا العمل، فوجهة النظر الفقهية المعتمدة التي تستند أيضا إلى أقوال فقهية من
الزمن والرعيل الأول من الفقهاء والتابعين هي وجهة نظر مناسبة لعصرنا هذا، لذلك
إخراجها نقدا هو المعمول به عندنا بناءً على اللجنة العليا للفتوى بوزارة الشؤون
الدينية والأوقاف منذ سنوات، وكذلك الفتوى التي أصدرها المجلس الإسلامي الأعلى سنوات
سابقة، وعليه فإني أدعو المواطنين إلى إخراجها نقدا
صوت
سطيف: إذا تم الالتزام بفتوى إخراجها نقدا، هل يعتبر تقييمها بـ120 دج صحيحا خاصة
أن قيمة الشعير 80 دج للكلغ الواحد ،وهذا دون الحديث عن قيمة الزبيب أو الاصناف
الأخرى؟
الشيخ سليم لرقم: قيمتها صاع من طعام، ونظرا إلى أن غالب قوت أهل البلد عندنا في الجزائر من السميد وليس من الشعير أو الزبيب، فتقديرها هو 2 كلغ من السميد ،حيث بعد مراجعة أسعار السميد على مستوى ولايات كثيرة من الوطن وعلى أساس تنوع أنواع السميد فإن القيمة المقترحة أن يكون المبلغ المرجعي 60 دينار للكلغ، و بالتالي فإن قيمة زكاة الفطر لهذا العام قُدرت بـ 120 دج عن كل نفس، يُخرجها رب الأسرة على من وجب عليه الانفاق عليه سواء كانوا أبناء أو آباء أو حتى حديث عهد الولاة قبيل صلاة العيد فزكاة الفطر واجبة أيضا في حقه.
صوت
سطيف: كيف سيتم إخراجها وتوزيعها ومن سيستفيد منها ؟
الشيخ
سليم لرقم: تُعطى للفقير
والمحتاج ،والجديد ما هو معمول به الآن بوطننا من خلال صندوق الزكاة وعلى اعتبار
أن الإمام هو المسؤول عن صندوق الزكاة بالمسجد فإننا ندعو المواطنين إلى دفع زكاة
الفطر إلى الإمام على سبيل الوكالة بدءً من شهر رمضان طيلة الاسبوعين الأخيرين من
رمضان ثم يقوم بتوزيعها إمام المسجد قبل العيد بليلة أو ليلتين على الفقراء
والمحتاجين وذلك بناءً على ما جمع وبناءً على محاضر اللجنة القاعدية لصندوق الزكاة
في المسجد وقوائم المحتاجين المضبوطة بناء على اللجنة القاعدية لصندوق الزكاة،
وهذا ما جرى به العرف بمساجدنا
صوت
سطيف: ما هو المبلغ الذي تم جمعه العام الماضي وكم عائلة استفادت من هذه الأموال؟
الشيخ
سليم لرقم: نتلقى كل سنة مبالغ
هامة من زكاة الفطر، وقد كانت حصيلة زكاة الفطر بولاية سطيف العام الماضي أكثر من
10 ملايير و300 مليون سنتيم تم توزيعها على أكثر من 8500 أسرة من الولاية، ونرجو
أن تكون حصيلة هذه السنة على نفس المبلغ أو أكثر حيث أنها ستعود على الفقراء
والمحتاجين في كل مسجد من مساجد الولاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاوره: أسامة فخر الدين قيسي