أسفل هذه المئذنة الفريدة من نوعها في الجزائر و خلف هذه الجدران المزخرفة ، تاريخا عمره قرنين من الزمن ، إنه أقدم جامع بمدينة سطيف ، المسجد "الجامع العتيق" ، جوهرة المساجد العتيقة بسطيف و الجزائر .
شيد الجامع العتيق بسطيف عام 1262هـجري الموافق
لـ 1845م، و قاربت الأشغال به عامين حسب الكتابات الزخرفية الداخلية منها كتابة "و
ما توفيقي إلا بالله" كتبه محمد بن الآغة 1264 هجري.
هندسة بنائه جمعت بين الحضارة الإسلامية العثمانية البديعة و زخرفتها
الفريدة من نوعها و بين الحضارتين الإغريقية والرومانية و هو ما أعطى المسجد
خصوصية فريدة و هندسة معمارية متميزة لم
تكن معهودة من قبل في بناء و هندسة
المساجد في الجزائر .
شُيّد الجامع على قطعة أرضية هي هبة تبرّعت
بها امرأة كرغلية من الأتراك الجزائريين، كما تكفل مواطنون جزائريون ببناء الجامع
العتيق عن طريق جمع التبرعات ، و قامت بالانجاز شركة إيطالية مُستعينة بمهندسين
أتراك.
و رغم مرور قرنين على تشييد الجامع بقيت معالمه
الأصلية سالمة و أمنة، دلالة على متانة البنيان، و دقة الهندسة و جمال فن العمارة
الإسلامية ذات البصمة العثمانية و خاصة المئذنة رباعية الأضلاع، فهي تحفة هندسية نادرة في شمال إفريقيا تبقى
شاهدة على عبقرية الفن الاسلامي .
الجامع من الداخل ينقسم الى قسمين به شق
قديم، ذو شكل مستطيل و شق جديد، ذو شكل قريب من المربع مهيئين للصلاة و به محراب مزخرف
بطريقة رائعة تسحر العين و تبهرها .
يستوعب الجامع حاليا ما يقارب 2500 مصلي و هذا بعد
التوسعة الذي شهدها في عهد الاحتلال و الترميمات التي مسته بعد الاستقلال، و هذا
بعد أن كانت بنايته الأولى لا تتسع سوى ل 300 مصلي .
الجامع و منذ نشأته و رغم محاولة فرنسا
استغلال بعض أجزائه و هياكله لأغراض أخرى إلا أنه بقي منارة علمية بمدينة سطيف بفضل كوكبة من الشيوخ والأئمة والقضاة الشرعيين
الذين تداولوا على إمامة الناس به .
كما كان لشيوخه أيضا تأثيرا كبيرا في
الحركة الوطنية و خلال ثورة التحرير الكبرى حيث زف الشيخ خبابة اثنين من أولاده
شهداء خلال الثورة المباركة، مثله مثل الشيخ العيفة العياضي الذي أستشهد اثنين من
أبنائه أيضا خلال الثورة المجيدة .
الجامع حاليا مصنف ضمن المعالم الأثرية بوثائق رسمية من طرف وزارة الثقافة ، و هو لا
يزال يؤدي وظيفته المسجدية كاملة من خلال المدرسة القرانية و حلقات الذكر والتدريس
.
ـــــــــــــــــــــــصوت سطيف