عن عمر ناهز 91 سنة ورى الثرى زوال اليوم 19 جوان 2024
المرحوم المجاهد قادري بلخيري المدعو عبد الحميد من عين أرنات ولاية سطيف ،و الذي
يعتبر أول من فجر سيارة مفخخة في تاريخ ثورة التحرير الكبرى .
ولد المجاهد عبد الحميد قادري بتاريخ 8 سبتمبر 1933 بدوار
أولا سي علي بعين ارنات ، من أسرة فقيرة تمتهن رعي الغنم لكسب رزقها، لم يسعفه
الحظ لدخول المدرسة كحال أغلبية الجزائريين ذلك الوقت، مما جعله يسافر الى فرنسا
رفقة والده و عمره لم يتجاوز 15 سنة .
في عام 1951 جند
لدى الجيش الفرنسي ، و هناك تحصل على تدريب عسكري شامل كما تحصل على رخصة السياقة
العسكرية في جميع الاصناف ، عند بداية الثورة و رغم انخراطه في الجيش الفرنسي إلا
أن وعيه الوطني و تأثره الكبير بمجازر 8 ماي 1945 التي عاش احداثها جعله يبحث عن
أي طريقة لمساعدة الثوار ، أين تمكن من الاتصال بأحد قادة المجاهدين بولاية باتنة الذي نسق معه عدة عمليات تخص تهريب الأسلحة و
الذخيرة من داخل الثكنات الفرنسية بصفته سائق شاحنة عسكرية، و تحصل على
اعتراف مكتوب من طرف أحد قادة الثورة
بباتنة يؤهله للانخراط في جيش التحرير في أي منطقة بعد تسريحه من جيش العدو
، ليقوم المجاهد قادري عبد الحميد بإخفاء هذه الوثيقة الهامة بإحكام داخل مرآته
الزجاجية الخاصة ، و بعد انتهاء عقده مع الجيش الفرنسي التحق مباشرة
بصفوف الثورة بعد اتصاله بالمجاهد الهاشمي
محدادي المناظل السياسي و العسكري بمنطقة مزلوق و عين أرنات .
كلف بتنفيذ عمليات سرية في بداية عمله مع الثوار بمنطقة سطيف ،تمثلت في نقل المجاهدين و السلاح و الذخيرة بواسطة سيارته الخاصة و بعد انكشاف أمره ، قرر بعد الحصول على ترخيص من طرف قادة الثورة تفخيخ سيارته من نوع " citroën traction"في قلب مدينة سطيف ، ليتم التخطيط للعملية بتجهيز السيارة و وضع المتفجرات رفقة المجاهد حموش احسن المدعو "ارزقي تونسي" خبير المتفجرات بالولاية الثالثة و الذي له دراية و معارف تقنية في صناعة وتنصيب المتفجّرات ، و هذا ما قاما به المجاهدان في إحدى الاصطبلات لدى عائلة خوني الصحراوي بمنطقة أولاد سي عبد الله بقرية عين مسعود بلدية عين أرنات حاليا .
سيارة نوع citroën traction كالتي استعملت في العملية
بشجاعة نادرة قاد المجاهد البطل السيارة الملغمة نحو مدينة سطيف في طرق ملتوية حتى لا يتم توقيفه من طرف عساكر العدو ، ليصل الى وسط المدينة بالقرب من عين الفوارة ، أين قام بركن السيارة هناك و هي مبرمجة للانفجار بواسطة ساعة يدوية، ثم غادر المكان لتنفجر السيارة منتصف نهار 30 جانفي 1959 ، مخلفة 17 جريحا منهم 5 في حالة خطيرة ، لتكون أول سيارة مفخخة في تاريخ ثورة التحرير الكبرى.
صورة للسيارة المفخخة بقلب مدينة سطيف 30 جانفي 1959
المجاهد عبد الحميد قادري يسرد ذكريات الثورة من داخل الاصطبل الذي برمجت فيه السيارة المفخخة بحضور احد الشهود
شارك المجاهد عبد الحميد
قادري أيضا في عدة معارك في الولاية الثالثة الناحية الأولى المنطقة الأولى، منها معركة
جبل قاسي ببوقاعة، التي كانت شهر افريل 1959م، و هي معركة كبيرة حاصر فيها الجيش
الفرنسي المغارة التي كان يتحصن فيه مجموعة من قادة الثورة و المجاهدين من كل
الجهات برا وجوا، و أبلى خلالها المجاهد
عبد الحميد قادري بلاءا حسنا بعد استماتته
رفقة جنود كتيبة الحماية بقيادة المجاهد حو صالح و كان حينها بطلنا يحمل رشاشا عرف كيف يستغله احسن استغلال،و بشجاعة و بسالة مكن الكتيبة رفقة بقية
المجاهدين من صد هجومات العدو، و تكبيده خسائر بشرية كبيرة كما تم فك الحصار عن
قادة المجاهدين و تمكينهم من مغادرة المغارة سالمين .
و سيتم نشر حوار مطول مع
المجاهد المرحوم عبد الحميد قادري لاحق بحول الله .
رحم الله الفقيد و اسكنه فسيح جناته .
ـــــــــــــــــــــــــــ
عاشور جلابي / صوت سطيف