حالة الطقس
يوم الجمعة
20 سبتمبر 2024
الساعة: 6:30:48
مواطنون يستعجلون تحرك السلطات لفتح الطريق العمومي وتطبيق القانونالجزائر ، الترخيص لمربي الدواجن ببيع الدجاج المذبوح بوزن 1،4 كغ و 5 أسابيع تربية فقطإحباط محاولة إدخال أزيد من قنطارين من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغربفرقة مكافحة الجرائم الكبرى بأمن ولاية سطيف، توقيف سارقين واسترجاع مبلغ مالي مسروققرار المحكمة الدستورية بشان طعن المترشحون الثلاث في الجريدة الرسمية
جامعات سطيف ،حصاد السنين... هزال التكوين وبهرجة التمثيل
الحدث

" كارنفال عريوات" يحط الرحال بالجامعة

حصاد السنين... هزال التكوين وبهرجة التمثيل

لا يزال الفيلم الشهير لعثمان عريوات " كارنفال في دشرة" يعبر بصدق عن واقع حياتنا ، بمشاهده المصورة للرداءة في حياتنا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا وعلميا ،و لا تزال البهرجة وتنميق الصور تمثل الشغل الشاغل لاهتماماتنا في شتى الميادين مغطية عن العجز الفاضح لتجويد الأداء وإعلاء شأن الإتقان والجودة في القول و العمل، مستعيضين عنها بالطقوس والمظاهر الخادعة ،منصرفين عن الاهتمام باللب والجواهر و معتمدين سياسة الهروب للأمام في مجابهة مشكلات العمل والإنتاج...وبعد سقوط الحياة العامة في مستنقع الرداءة  تلحق الجامعة بمؤسسات المجتمع الأخرى ،منبطحة هي الأخرى مسقطة ورق التوت لتتعرى سوءتها وتبرز عيوبها و ضعف أدائها ،حتى لم يعد بدعا من أداء مؤسسات المجتمع الأخرى ....

هكذا لم تكد بعض الجامعات  تضع عجلاتها على السكة كصرح علمي وليد ، ولم  يكد يتجاوز  عمرها عدد أصابع اليد الواحدة حتى غرقت في مستنقع الرداءة تسييرا وتكوينا ، وبرزت للسطح جملة السوءات التي يتحكم فيها قلة التدبير ، وضعف التسيير وسوء الأداء في الادارة والتكوين ، وغلبت على أداء مسيريها سياسة الهروب للإمام ، وتغطية الرأس كالنعام ، بفعل اسناد الأمر لغير أهله ، ولامبالاة القابعين في المكاتب لتراكم المشكلات، وبقاء الملفات من دون دراسة أو فصل ، بالتأجيل المستمر للبت فيها أو العزوف المتعمد عن حلها ،وعلى كل المستويات من الأقسام  إلى الكليات و النيابات ، يلقي الكل باللوم على الكل ، ويرمي الكل بمناديلهم على الكل تطبيقا لنظرية جديدة تحت مسمى  " التسيير بالتأجيل " ،لتضيع مصالح المستخدمين اساتذة وعمالا ، وينحط مستوى التكوين حتى لم  يبق ما يسم الطلبة بوسم المتكونين إلا بطاقات انتساب أو شهادات تسجيل .

الأمثلة على ما نقول صارخة  والشواهد قائمة ، فمن بقاء ملفات الترقيات والدرجات والساعات الاضافية  والمخلفات أشهرا طويلة بل وسنين عديدة اسفل الأدراج ، لا ينفض غبارها حتى يمل أصحابها وينسونها بالتقادم ، و اطلاق الشائعات في كل شهر عن ضعف الميزانية أو انعدامها أحيانا لإلهاء الموظفين بالمرتبات وتاريخ صبها المتذبذب ،إلى ملف التربصات والعطل العلمية والطريقة المخزية للتعاطي معها اقصاء أو تسويفا أو تأجيلا وتخلاطا في الترتيب والمعايير والشروط والآجال ، حتى شابه الإيمان بالحصول عليها  إيمان قوم نوح برسالته ، فضلا عن الكثير من الملفات التي يتم التعاطي معها بالارتجال أحيانا وغياب الشفافية أخرى ، وما يتصل بالتأطير والتكوين وفرق البحث ومناقشات الرسائل وغيرها التي تظل تراوح مكانها جيئة بين المكاتب ورواحا حتى تذهب عقل صاحبها ، مع انشغال بعض مديريات الإدارة العليا بالتدخل في قضايا تختص بها الأقسام أو ما دونها أحيانا أو عرقلتها لمصالح أو ملفات جهات أخرى مما لا يعد برأيها مواليا ،ليختلط حابل المشاكل بنابلها... فلم يعد يتراءى للرائي في خضم ما يعايشه سوى جمود الجامعة في نقطة بدئها ، وبقائها على الحال الذي انطلقت عليه .

لم يشفع ذاك كله للجامعة لتزيدها مظاهر العجرفة والتسيب وطقوس "الزرد" التي تقام بها احتفاء بخريجيها بلة لطينها ،ففي نهاية السنة الجامعية وككل سنة تتوج الدراسة بالمتخرجين من الطلبة يقدمون خلاصة بحوثهم وانجازاتهم دليلا على استحقاقهم للشهادات التي ظلوا لسنين طويلة يحضرون لها...ويتسابق الطلبة والأساتذة لتقديم الإنجازات ومناقشة المذكرات والأعمال وتقييمها معتبرين ذلك عنوانا لجهودهم طلبة ومشرفين...

ومنذ اعلان البدء عن المناقشات تظل وقائعها تصنع الحدث الأهم من السنة الجامعية...و تتعالى الزغردات من أقسام وقاعات الكليات ،لا تنتهي في حجرة إلا لتبدأ بأخرى معلنة موسم الأفراح والأيام الملاح ... في مشهد غريب عن الجامعة يدعوا للحظات تأمل .

لقد شهدت نهاية السنة الفارطة ما لم تشهده بقية السنوات فحفلات التخرج بحضور الأهالي والأقارب وما يقدم فيها من اكراميات وحلويات صنعت الحدث بما رافقها من ابتذال للحرم الجامعي احيانا ،ولقيمة الشهادات المحتفل بها أحيانا اخرى بسلوكيات تبعدنا عن مظاهر العلم وحرمته في معظم الحالات...فمشاهد الزغاريد تتعالى في الأروقة والأقسام وأطباق الحلوى والمرطبات المحمولة على الأكف والرؤوس والهدايا المقدمة للمناقشين والمناقشين ، وحاملو آلات التصوير على اختلاف أنواعها  يجعلونك تتخيل وكأنك في دوامة اعراس تزف فيها العرائس جملة لا تفصيلا.... ، من دون ان ينتبه أحدنا إلى ان الأمر تجاوز حده المعقول في اعلان الفرح بالنجاح...و تزدحم ساحات الجامعة بالسيارات الوافدة بالأهالي وما يحملون ،تتكدس في المواقف حتى لا تجد لك موقفا بينها ، بل يتعدى الأمر ليحرم المستخدمون من ركن سياراتهم بها ، ويزداد سوءا بتجرئ  الغرباء أحيانا على الأساتذة ومنعهم من ركن سياراتهم بل والاعتداء عليهم بالقول أو الفعل ،كما حدث مع أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية الذي كان محط اعتداء من أحدهم بالجرم المشهود ، من دون ان يوضع لذلك حدا ،ليستمر الوضع على حاله فترى الداخلين والخارجين بأوانيهم وكأنك في قاعة حفلات كبرى ، فإذا ما اقتربت من باب الكلية  تناهى لسمعك زغاريد الطالبات وأمهاتن وخالاتهن وعماتهن وصويحباتهن، ومن على شاكلتهن وقد تعالت تنبئ عن علامة التخرج التي لا تكون في أسوء الحالات أقل من 16 من 20 ، فإذا ما اطلعت على العمل المناقش ، او حضرت جانبا من المناقشة ضربت اخماسا بأسداس ، وفهمت لماذا قرر "عريوات" أن يحط "بكارنفاله" عندنا...

جعل التسرع والارتجال الذي وضعت الإدارة نفسها في قبضتهما ، ورهنت الممتحنين تحت وطأتهما من مناقشات مذكرات التخرج في مستوى الماستر على اهمية العملية كارنفالا  بأتم معنى الكلمة حيث غابت الجدية التي تجعل من اعمال الطلبة مقياسا حقيقيا لمدى جودة البحوث في هذا المستوى ومدى قدرة المؤطرين على توجيه اعمال الطلبة وجهتها العلمية السليمة كخطوة اولى على طريق اتقان العمل البحثي الجامعي ،فكان التسرع السمة البارزة التي غطت في كثير من الأحيان على رداءة الأعمال المنجزة ، كما كانت الأنانية أحيانا هي الطابع المميز للمؤطرين يتسابقون في اختيار المناقشين لما أطروا من أعمال برغم رداءتها في الغالب الأعم ،ممن يتوسمون فيهم غض الطرف على نقاط الضعف الكثيرة التي تطبع العمل ، ...وإلا كيف نفسر مناقشة مذكرة بعد ساعة أو ساعتين من تسليمها للمناقشين ، وكيف نفسر حصول كل الاعمال على تقدير الجيد والجيد جدا بالرغم مما يكتنف الكثير منها من قصور فاضح في اللغة والمنهجية والطرح والأدوات والمناقشة والتحليل، وما يميز جلها من ضعف اختيار المواضيع وعدم جدواها وصياغة الإشكاليات والفروض ، واستعمال ادوات جمع البيانات وتحليلها ومناقشتها ، إلى جانب المغالطات التي لا تحصى ولا تعد في مجال استخدام المنهج الإحصائي السليم لمناقشة صحة الفرضيات...

إن نظرة سريعة على المذكرات التي اجيزت تجعلك تتحسر مقلبا النظر لتجد مبررا واحدا يجيزها بالطريقة التي اجيزت بها ، فمن عدم وضوح أسئلة البحث أو تصنيفها في خانة تحصيل الحاصل ، إلى ضعف صياغة فرضياتها وعدم قابليتها أحيانا للطرح ، إلى كثرة الأخطاء المنهجية التي تكتنف العمل مرورا بضعف الجانب النظري واقتصاره على تركيب نصوص غالبا ما تكون اقتباسات تفتقر إلى التناسق فضلا عن غياب أي تحليل ونقاش ومقابلة للأفكار المستعرضة ، وانتهاء بضعف الجانب الميداني وعدم قابليته في غالب الأحيان للإجازة بفعل الأخطاء العلمية الكثيرة التي تكتنفه...يكشف لك في النهاية تردي المستوى سنة بعد اخرى....

هكذا إذن تسهم أحداث نهاية السنة الجامعية مع بدايتها وما بينهما من ترد فاضح لأداء الجامعة تسييرا وتدبيرا وتكوينا ، لننام ونستيقظ على الحال ذاته ، و يتجذر فشل المسيرين القابعين باسترخاء في مكاتبهم لا شغل لهم سوى التوقيع على الأوراق ، وقسمة ما بقي من الكعكة فيما بينهم ، ما داموا مطمئنين إلى بقائهم سالمين ، وما دامت سنة التغيير مؤجلة بفعل التمديد لهم وتمديد تمديدهم أملا في تقاعد مريح ،  إلى أن تحدث المعجزات أو يلقى الناس ربهم على ما هم عليه .

شاهد عيان

تم تصفح هذه الصفحة 6805 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions