حالة الطقس
يوم الجمعة
20 سبتمبر 2024
الساعة: 1:12:01
مواطنون يستعجلون تحرك السلطات لفتح الطريق العمومي وتطبيق القانونالجزائر ، الترخيص لمربي الدواجن ببيع الدجاج المذبوح بوزن 1،4 كغ و 5 أسابيع تربية فقطإحباط محاولة إدخال أزيد من قنطارين من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغربفرقة مكافحة الجرائم الكبرى بأمن ولاية سطيف، توقيف سارقين واسترجاع مبلغ مالي مسروققرار المحكمة الدستورية بشان طعن المترشحون الثلاث في الجريدة الرسمية
من التدليس الى التدنيس...بكالوريا 2016 على كفي ابليس
الحدث
                                                                 
                                          د. عبد الله صحراوي قسم التربية ، جامعة سطيف2 
يبدو أن ابليس الجزائري اكتسب حنكة في التدليس والتلبيس فاقت ما عرف عن بني جلدته من ابالسة المجتمعات والدول المنحطة اخلاقيا وحضاريا وفكريا....والدليل على ذلك مستنقع الحياة العامة الذي نتخبط فيه صبح مساء ، والانحدار الخلقي والفكري الذي نستمر فيه سقوطا ، ويستمر مسلسل التهافت على الرذائل في مجتمعنا اشكالا وألوانا من صور الغش والسرقات واللامبالاة ،حتى تساوت لدينا الرذائل مع المكارم والجاد من الأمور مع التافه ،فتعاطينا مع الحياة بسلوك ابليس ليصل الأمر حد العلم والعبادات استصغارا للشأن وامتهانا....
إن ما تشهده بكالوريا 2016 من مهازل فاقت الخيال في مجال الإجراءات والتطبيقات وأخيرا التسريبات ، والإعلان عن الموضوعات قبل بدء الامتحانات على شبكات الأنترنت ، وصفحات التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع ، لم يشهد له تاريخ البكالوريا الجزائرية مثيلا...ومنذ حادثة بكالوريا الوزير ( بن محمد) الذي قامت عليه الدنيا حينذاك ولم تقعد برغم محدودية الحادثة ، هاهي بن غبريط التي أكثرت من ( التجخليط والتبخليط) في فناء المدرسة الأمامي والخلفي على السواء ،تعيث في الإصلاح تعديلا او افسادا...تهوي نحو عمق سحيق بفعل تسريبات لكل موضوعات البكالوريا وبصور فاقت ألتوقعات وأحدثت صدمة رهيبة للممتحنين والأولياء وما بقي للمجتمع من ضمير يؤنب...
وعلى الرغم من ان المسكين بن محمد أخذته الصيحة فزعا فارتجف وسقط بفعل الزلزلة التي هزت مصداقية البكالوريا حينها ، وما أعقب ذلك من كشف إعلامي مكن للحدث من الابتعاد عن دائرة ( التغطية = الستر ) ، وقذف بالرجل بعيدا عن الساحة فلم يعد يذكر إلا مقرونا بسواد الحادثة ...هاهي المدام ( دليلة ) بن غبريط لا يتحرك لها جفن وبكالوريا الغلابى يعبث بها ابليس على صفيح ساخن ، يحرق لهيبه أماني أبنائنا وبناتنا ،اولئك الذين جدوا واجتهدوا وتعلقت أمانيهم بنجاح في اجتياز عقبة مثلت لهم سبيلا وحيدا للسعادة والرقي والرفعة ، ليتفاجئوا صبيحة اليوم الثاني لعرسهم الكبير بان الطريق السوي الذي سلكوه مدنسا بجيش من جنود ابليس وعفاريت الإنس ممن ائتمنوا على حراسته، وان قطاع التربية الذي كان الأمل معقودا عليه في ترقيتهم اخلاقيا وعلميا لا يزال السوس ينخر جذعه بجيش من الحثالة بمقدورهم ان يسودوا اقدس صفحاته ، ويدنسوا اطهر محاريبه ...
إن ما يحز في النفس ونحن نعايش وضعا تتوتر فيه أعصاب الكل لدرجة الذهول أن التسريبات المقصودة ( ....) والتي لم تعد فعلا منعزلا كما توضح ،لا تطيح بشخص الوزير او المسئول المقصود فحسب ...والذي يبدو جليا انه تحصن فلم يعد يعنيه ما يجري ولم يطلع على الناس موضحا ومتخذا الإجراءات بما يتوازى مع الأحداث ، كما لم يعد مهتما بإيقاف مسلسل الفضيحة الكبرى كأن الركلة لم تشعره بفداحة الجرم الذي اقترفه...بقدر ما تطيح بما بقي للمدرسة الجزائرية وتاجها ـ شهادة البكالورياـ من ماء وجه يحفظ لها بعض اهليتها في قيادة المجتمع الذي اصبح ابتذال العلم والمعرفة والسرقة والخداع فيهما سلوكا رائجا وقاعدة لا استثناء ، ليطال الأمر حتى الجامعات فتمتلئ بالغثاء الذي لا يسمن ولا يغني من الفكر وإنتاج المعرفة شيئا كما هو الحال على أيام الناس هاته ، وكما هو مقدر له أن يكون بحسب الوقائع في المستقبل المنظور ...
فعلى مدار الأيام الثلاثة أو الأربعة الأولى لامتحان البكالوريا 2016
ومنذ اليوم الأول تتواتر الأنباء متلاحقة عن التسريبات التي تبدأ مساء في شكل دعايات وادعاءات لتصبح بعد فتح الأغلفة في قاعات الامتحان حقائق تقلب الطاولات على الممتحنين والحراس والمسئولين والأولياء وعلى الجميع...ويضل الناس مترقبين ردود الفعل التي يعتقد أنها ستكون بحجم النازلة التي لا شبيه لها في المجتمعات المتحضرة وهي اقسى عندها من كوارث البراكين والزلازل والأعاصير المدمرة ، إذ انها لا تطيح بالبنيان من قواعده بقدر ما تهز الإنسان في اخلاقه...وللأسف الشديد يتمخض الجبل ليلد بعد المخاض العسير فأرا فتظل ردودنا تافهة دنيئة نجمل قبحها بالأعذار نتلمسها لأنفسنا ، لنصب جام الغضب هنا وهناك ماسحين الموس في (بوس) ، حتى لا نقال أو ندفع للاستقالة من مناصبنا الرفيعة ، او نتخلى عن كراسينا الوثيرة التي حصلناها حسبا نسبا ، لا كفاءة واقتدارا...
ماذا بقي من مصداقية لشهادة كانت إلى وقت قريب الوحيدة من بين كل الشهادات التي ظلت محتفظة ببعض قيمتها علميا ومعنويا ، وحافظت حتى الأمس على بريقها الجذاب وهالتها اللماعة المحيطة برغم ما عايشه ويعايشه المجتمع في قيمه وبنائه الأخلاقي من تدهور فضيع ،وما مصير عشرات الألوف من التلاميذ الذين ولفترة طويلة من اعمارنا وأعمارهم ظللنا نعدهم لهذا الحدث الجلل نحسن لهم بديعه ، فندفعهم لبذل الجهد وقتا وصحة وتفريطا في النوم واللهو او الترفيه ، محفزين اياهم على الجد والإجتهاد والعطاء.ذامين لهم الكسل والغش والتحايل ، فإذا بهم يرون من سار بغير طريقهم يصل في التوقيت ذاته معهم وربما حالفه الحظ ليرتقي من فوق أكتافهم ويمر من خلف ظهورهم يدوس كل قيم الخلق الرفيع والتنافس الشريف.
ثم ماذا بقي من كرامة لأولئك المندسين بمدرستنا  ينخرون جسدها من داخله ،ويحفرون أسسها القائمة بالمعاول وهم من ائتمنوا على مواضيع الامتحان فإذا بهم اول من يخونون الأمانة يعلمون الأبناء طرقهم الرخيصة للفوز الكاذب ، والسهلة للغش المذموم تطيح بأخلاقهم التي نظل نزرعها فيهم فلا يكادون بعد العناء يجدون لها أثرا فيمن يفترض ان يكون الحارس الأمين عليها...ايا كانت درجة مسؤولية الفاعلين فإن الجرم عظيم والفعل دنيء لا يبرره سبب مهما بلغت وجاهته ، لقد تحطمت آمال وزلزلت أنفس وانهارت قيم وسقط عرش البكالوريا المقدس في بركة الحمأ المسنون...
ماذا عساه يفعل الوزير و المسئول إذا كان في الطاقم من يدنس طهارة المكان والموضوع بفتح أبواب ابليس ليعبث في قداسة امتحانات وإجراءات كان الأمل معقودا عليها من الجميع لتضخ بخيرة ابنائنا نحو التكوين الجامعي والمتخصص على امل رفع مستواه علميا ومعرفيا ، فكرا وإنتاجا فإذا بالأمور تزداد سوء على سوء ، وسوادا على سوادها المعروف .
كيف يمكن بعد الآن محاسبة الأبناء على الغش في كل المستويات وقد أفهمناهم بهذا الفعل أن الأمر لا يقتصر عليهم ، وأن بمدرستهم ومن بين مسئوليهم ومعلميهم من لديه الجرأة لهتك الأستار ،وكشف العورات للجميع فينكشف مالا ينبغي أن يكشف ليصبح الآباء والمسئولون ومن كلفوا بصيانة الأمانة اول الغشاشين ....هل يمكن ان نبرر للأبناء فعلا كهذا وقد اكثرنا من الإلحاح عليهم في السهر وبذل الجهد والتعب فحرمناهم من بعض الراحة أحيانا وبعض الترفيه حينا آخر....وهل من الممكن بعد الآن ان يصدقك احدكم تتحدث عن الفضيلة والسعي الشريف في التنافس وبذل الجهد لاستحقاق النجاح ،والأمانة وصونها والصدق وملازمته ، وقطف ثمرة التعب ...وهو يقطفها اليوم ثمرة لا مذاق لها إلا كمذاق العلقم ، ولا رائحة إلا كرائحة الجيفة ، ولا لون إلا لون التلبيس والتدليس ،...
تمثل البكالوريا وكل الامتحانات في الدول المتحضرة والمجتمعات المحترمة حدا فاصلا بين الجد والهزل ، فلا ينالها إلا المستحقون ، ولذلك تعطى من القداسة والهيبة والأهمية بقدر العبادات وبقدر ما يعطى من اهمية للعلم ذاته...اما عندنا فقد اغتصبت عذريتها وانتهكت حرمتها ،وبرغم الإجراءات الحربية التي اتخذت لحمايتها لم تسلم من التدنيس الذي فاق الخيال والتشويه الذي طال الصورة والجوهر لتصبح ورقة مزايدة في يد الكل على الكل. موضوعة على طاولة الترخيص والتدنيس ليستخدم المرجفون كل الأدوات والوسائل لإبطال مفعولها وتجاوز سلسلة الإجراءات الرهيبة لصونها، فلم يحظ الممتحنون بنفس الفرص للتنافس طبقيا ولا جغرافيا ،وأخبار التسريبات تتبعها أخبار الإقصاء والإبعاد لأتفه الأسباب ، تحقيرا للأبناء  مع ما يلحقهم بعدها من ضرر يصل حد الانهيار و الانتحار تتلاحق تباعا..وبفعل فاعل :
تصاب بن غبريط بحمى التخربيط،وتسقط البكالوريا في مستنقع التجخليط....وللحديث في الأمر بقية .
د ن عبد الله صحراوي قسم التربية ، جامعة سطيف2 
تم تصفح هذه الصفحة 5441 مرة.
فيديو
صورة و تعليق
هدرة الناس
والي سطيف و الكورونا ؟إقرأ المقالة
قناتنا على اليوتيوب
تطوير Djidel Solutions