حالة الطقس
يوم الخميس
19 سبتمبر 2024
الساعة: 23:08:34
مواطنون يستعجلون تحرك السلطات لفتح الطريق العمومي وتطبيق القانونالجزائر ، الترخيص لمربي الدواجن ببيع الدجاج المذبوح بوزن 1،4 كغ و 5 أسابيع تربية فقطإحباط محاولة إدخال أزيد من قنطارين من الكيف المعالج عبر الحدود مع المغربفرقة مكافحة الجرائم الكبرى بأمن ولاية سطيف، توقيف سارقين واسترجاع مبلغ مالي مسروققرار المحكمة الدستورية بشان طعن المترشحون الثلاث في الجريدة الرسمية
حتى لا ننسى،الذكرى 71 من مجازر 8 ماي 45 تبوح بأسرار جديدة.
الحدث

الذكرى 71 من المجازر تبوح بأسرار جديدة لـ "الخبر" وباحثون يؤكدون

"كأننا لم نكتب شيئا عن مجازر 8 ماي 45" حتى لا ننسى..

 

رغم مرور 71 سنة كاملة عن المجازر الاستعمارية في 8 ماي 1945، ورغم الحبر الغزير الذي سال للكتابة عن مظاهرات 8 ماي، ورغم كثرة الشهادات، فإن هذه المأساة مازالت تحتفظ بالكثير من أسرارها لنفسها، حتى قال أحد المؤرخين والكتّاب المختصين في التاريخ الحديث بجامعة سطيف2 لـ “الخبر” “كأننا لم نكتب شيئا عن 8 ماي!”.   “يوم! لله دماء بريئة أريقت فيك، ولله أعراض طاهرة انتهكت فيك، ولله أموال محترمة استبيحت فيك، ولله يتامى فقدوا العائل الكافي فيك، ولله أيامى فقدن بعولتهن فيك.. يا يوم! لك في نفوسنا السمة التي لا تمحى، والذكرى التي لا تنسى، فكن من أية سنة شئت، فأنت يوم 8 ماي وكفى. وكل ما لك علينا من دين أن نحيي ذكراك. وكل ما علينا لك من واجب أن ندون تاريخك في الدروس، لئلا يمسحه النسيان من النفوس..” هذه كلمات كتبها الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله في جريدة “البصائر”، لسان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، يوم الاثنين 10 ماي 1948، فيها عظات ودروس ودعوة للحفاظ على الذاكرة التي مازالت تكشف أسرارها إلى اليوم، حيث تكشف “الخبر”، في هذا الملف الذي نعده بمناسبة الذكرى 71 لمجازر 8 ماي 45، لأول مرة عبر الصفحات والجرائد قضية موثَّقة بمراسلات المستعمر الفرنسي، فيها من “الإنسانية” التي أظهرها المتظاهرون الجزائريون ما يتجاوز الكلام والشعارات، وفيها من “الهمجية” من المستعمر ما يتجاوز الخيال ويثبت الوحشية.

وتضم المقبرة الجماعية قبور 40 شهيدا هم:

1-   رماضنة الخير.

2-   جال علي.

3-   رتمة التومي

4-   دخيلي الطاهر

5-   تواتي الدراجي

6-   تواتي عمر

7-   بعيطيش محمد

8-   عرنية بشير

9-   فوانيس علي

10- فوانيس الصالح

11- عميروش محمد

12- بن خيري الصالح

13- طبيب علي

14- طبيب رابح

15- عربة لخضر

16- بوغابة بن عيسى

17- طابع أحمد

18- معيش الطاهر

19- بوطويل لخضر

20- بورحلة رابح

21- قسوم الشريف

22- وناس الساسي

23- بن نمير محمد

24- غربي حسين

25- قلاوش ساعد

26- زبار ساعد

27- طبيب بن عيسى

28-  سباح عائشة

29-  هميسي عبد الله

30-  زوايد أحمد

31-  بوغوفالة الطاهر

32-  بوصبع مسعود

33-  رحراح العياشي

34-  مسكين عيسى

35-  طبيب ساعد

36-  طبيب لخضر

37-  بن عرعور بشير

38-  بن ديبة عبد الله

39-  حطاب علي

40- مراتلة علي

 مراسلات فرنسية كشفت عن حالة إنسانية تبطل الادعاءات ،جزائري ينقذ معلمة فرنسية من الموت ويُجازى بالقتل وترك جثته دون دفن

قصة عمي أحمد الحداد مع المعلمة الفرنسية ماري سيمون جيوفاني، ليست رواية ألفها مبدع أو فيلم لعب أدواره فنان، بل هي واقعة حقيقة مثبتة بالدليل والبرهان، وقعت يوم 8 ماي عندما تدخل الثائر الجزائري وأنقذ المعلمة من الموت الحقيقي، مبطلا بذلك ادعاءات فرنسا الاستعمارية بأن المتظاهرين كانوا همجا.

الواقعة التي كانت بلدية عموشة في سطيف مسرحا لها، اطلع عليها بعد جهد جهيد الدكتور بشير فايد من جامعة محمد لمين دباغين سطيف2، من مركز الأرشيف الفرنسي في مرسيليا، رغم ما لحق هذا الأرشيف من تطهير ومحاولة إخفاء الكثير من الحقائق التاريخية التي تدين الاستعمار الفرنسي، حيث كشفت مراسلة إدارية للأمين العام لعمالة قسنطينة، بتاريخ 9 جوان 1945، إلى الأمين العام المكلف بشؤون الأهالي والشرطة العامة، بناءً على تقرير مرسل من معلمة في عموشة إلى السيد مفتش الأكاديمية، أنه عند منتصف النهار من يوم 8 ماي 1945، وصلت سيارات محملة بالأهالي المسلحين إلى عموشة، وبعدها مباشرة شرع المسلحون في إثارة الاضطرابات، بينما أغلقت المعلمة على نفسها ومن معها. وعند الساعة الثالثة زوالا، أطلقت عيارات نارية على السكان الأوروبيين عبر الأبواب والنوافذ، حاول بعضهم خلالها 3 مرات تحطيم باب المسكن الذي يخفي المعلمة وجماعتها، وكان الثائرون يريدون -حسب المعلمة- ذبحها، وأقرت المعلمة في مراسلتها بأن الحماية جاءت من قبل مواطن من الأهالي قدم خدمة كبيرة لها، وبعد وصول المعلومات للجيش الفرنسي في سطيف حضر لحمايتهم، وبناء عليه حث الأمين العام للعمالة على تقديم مكافأة للجار “الأهلي” عرفانا لما قام به.

تحقيق فرنسا كشف المستور

وتبعا لذلك، يضيف الدكتور بشير فايد، تم فتح تحقيق حول هوية الجار “الأهلي” الذي أنقذ المعلمة الفرنسية وأسرتها من المهاجمين، بغرض منحه مكافأة لم تحدد طبيعتها، ولم يمر وقت طويل حتى جاءت الصاعقة، فنتيجة التحقيق حسب مراسلة مؤرخة في 24 جويلية 1945م، موجهة من قبل المتصرف الإداري لبلدية تاقيطونت المختلطة التي كان مقرها عين الكبيرة (بيريقو فيل) إلى رئيس دائرة سطيف، ردا على مراسلة هذا الأخير بتاريخ 19 جوان 1945، كانت تدين فرنسا الاستعمارية التي حاولت مرارا إلصاق تهمة الهمجية بالجزائريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية، حيث جاء في التقرير أنه توفرت معلومات مفادها أن الجار الأهلي المذكور في تقرير المعلمة المساعدة في عموشة، هو المسمى أحمد مفوض الذي يمتهن حرفة الحدادة بالمركز، وأنه بالفعل قام بحماية المعلمة، إلا أنه في المقابل قام بدور خلال الأحداث، وقد قتل، لذا يتعذر تقديم المكافأة له.

مع العلم أن ماري سيمون جيوفاني، من أصول كورسيكية، هي ابنة ساعي البريد في عموشة الذي كان يسكن بجوار السيد مفوض أحمد المعروف بأحمد بن الموفق، وهي معلمة مساعدة بالمدرسة الفرنسية بعموشة، وقد كان من تلامذتها “الأهليين” سنة 1943: أحمد عقون، بوزيد بكاي، بلقاسم حلاتي المدعو أحمد، السعيد درقين المدعو السعدي، إسماعيل مفوض، ساعد حلاتي المدعو عبد الرحمن، مسعود خنتوت، علي قيرواني، لخضر حلاتي، إبراهيم داودي، لخضر سيدهم، الخير عباوي، الطاهر حلاتي، بوزيد خنتوت.

أما عمي أحمد فهو أحمد مفوض بن محمد وتاسعديت حجام، حسب سجل الحالة المدنية لبلدية عموشة، ولد في 1890 بتاقيطونت، تزوج في 19 ديسمبر 1914 من مسعودة حملاوي بنت محمد بن لحسن والزهرة بن علاق، أب لولد وحيد هو مبروك المولود في 25 جويلية 1920 في منتانو، وقد استشهد في 1958 بمكان مجهول بعد اعتقاله وسجنه بعين الكبيرة لمدة 3 أشهر.

شهادة عمي الطيب تؤكد الحادثة


وحسب شهادة السيد الطيب شطيبي، فإن السيد أحمد مفوض كان ضمن المجموعة التي شاركت في مظاهرات 8 ماي 45، وكان وراء عدد من الأمور التي كانت بمثابة الشرارة التي ألهبت الأحداث، وأدت إلى انتشارها بسرعة إلى القرى المجاورة، وقد تم اعتقاله حسب شهادة عمي الطيب، رفقة مجموعة من المتظاهرين، من قِبل القوات العسكرية الفرنسية التي حلت بعموشة بسرعة كبيرة، رفقة كل من بشير قيرواني، عبد الله شطيبي (والد الطيب)، الشاوش مفوض، عبد الله خنتوت، السعيد غريب، الهاشمي خلفة، الربيع بن علاق، السعيد سايح، سليمان غريب، العربي تيشي (أول من استشهد) جمعوا في البداية في ساحة واسعة، ثم حُوِّلوا إلى مستودع كبير ملك للمعمِّر “طورا”. وفي يوم 9 ماي نقلوا إلى مكان يسمى المالحة بدوار بوعمران، وتم إعدامهم رميا بالرصاص بسرعة وبدم بارد، ولم ترخص السلطات لذويهم بدفنهم إلا بعد عدة أيام، وفي هذا روى صاحب الشهادة الذي انتقل إلى عين المكان أنه شاهد آثار الدماء عليهم، بطونهم منتفخة، يحيط الذباب والحشرات بجثثهم، حيث قام أهاليهم بدفنهم كل بطريقته الخاصة إكراما لهم، وسط الخوف الشديد من انتقام سلطات الاحتلال منهم.

وسقط قناع فرنسا الاستعمارية..

رغم أن سلطات الاحتلال الفرنسي، العسكرية والمدنية، قد حاولت إلصاق كل التهم والأوصاف والنعوت السيئة والقبيحة بالمشاركين في أحداث 8 ماي 1945 لتبرير القمع الدموي والوحشي غير المبرر الذي ارتكبته في حق الجزائريين العزل في تلك الأثناء، بغرض إظهار نفسها أمام الرأي العام العالمي في موقف الدفاع الشرعي عن النفس، فإن الكثير من المواقف أظهرت أن الجزائريين لم يكونوا في صورة أولئك المتوحشين المتعطشين للقتل، الذين يريدون ذبح السكان الأوروبيين المسالمين وفقط والسطو على ممتلكاتهم، بل كانوا بشكل عام مسالمين يدافعون عن أنفسهم بالوسائل المتاحة، فإن حدثت بعض التجاوزات من بعضهم فهي طبيعية جدا في مثل تلك الظروف من جهة، وبالنظر إلى تراكمات الماضي وحجم الخديعة التي تعرضوا لها من فرنسا المتحضرة التي استخدمتهم كوقود لاسترداد حريتها المسلوبة، وكرامتها المهدورة، وشرفها المستباح، خلال الحرب العالمية الثانية، فلم يكن الجزاء من جنس العمل كما يقال، وإنما من الطبيعة النفسية المريضة والعليلة لفرنسا التي لم تستوعب الدروس الكثيرة التي لقنت لها في تلك الحرب وفي غيرها، من جهة أخرى.

وحسب تقدير الدكتور بشير فايد، فإن الأرشيف الاستعماري الفرنسي، ورغم عمليات التنظيف والتطهير التي تعرض لها، ها هو يكشف بنفسه عن تلك الأكاذيب والافتراءات، ويؤكد أن المشاركين في الأحداث قد استهدفوا في الغالب الغلاة والطغاة من المستوطنين وأفراد الجيش والشرطة والدرك الذين كانوا يقتلون على الهوية، والمسؤولين الإداريين ومعاونيهم من الجزائريين المتورطين في بؤسهم وتعاستهم، أما غيرهم فلم يتعرضوا لهم بأي أذى، بل إن بعضهم حافظوا على حياتهم بفضل حماية جيرانهم “الأهالي” لهم، مثلما حدث في عموشة للمعلمة المساعدة المسماة ماري سيمون جيوفاني وأسرتها.

وفي المقابل، كان قرار سلطات الاحتلال في عموشة بمنع عائلة الشهيد مفوض أحمد ورفاقه الشهداء الذين سقطوا معه في المالحة بقرية اولاد جابر من دفنهم، وتركهم في العراء، كان مؤشرا على الإفلاس الأخلاقي والإنساني الذي كان يميز ممثلي الحضارة الفرنسية في الجزائر، هذه لا شك مفارقة عجيبة: جزائري ينتمي إلى فئة المعذبين في الأرض، مستواه التعليمي بسيط جدا، لم يتخرج من مدارس أو كليات عصرية، يقدم لفرنسا درسا بليغا في الأخلاق والإنسانية، عجز أعوانها المجرمون أو “تعاجزوا” عن فهمه وإدراك أبعاده المتعددة، فكان جزاءُ المنقذ الحرمانَ من حق الدفن، فمَن المتخلفُ والمتحضر: الجزائري أم الفرنسي؟ وإلى متى يستمر البعض منا في أحلامهم الزائفة بإمكانية الاعتراف والاعتذار عن جرائم “الاستدمار” الفرنسي في الجزائر؟ في حين تدل كل المؤشرات على أنهم مستعدون هم للاعتذار لفرنسا عن ما قام به الأجداد والآباء طيلة وجودها في الجزائر، وإنا غدا لناظره قريب.


الدكتور بشير فايد رئيس اللجنة العلمية لقسم التاريخ والآثار. جامعة سطيف2
مؤسسة 8 ماي تطالب بإعادة دفن بعض الشهداء

تم تصفح هذه الصفحة 8393 مرة.