فيلاج النيقرو القديم بمدينة سطيف و علاقته التاريخية بحى بومرشي و حي بلير حاليا .
لمعرفة الظروف التي أنشأ فيها فيلاج النيقرو و علاقته التاريخية في إنشاء الحيين الكبيرين بمدينة سطيف و هما حي بلير في الشمال الغربي للمدينة و حي بومرشي (ثليجان حاليا) ، يجب معرفة بعض الاحداث التي عرفتها منطقة سطيف في ذلك الوقت ، فظهور الاحياء الطوبية (مجموعة من المساكن تعرف عند السكان بالقربي) و التي سمتها فرنسا بحي الزنوج (village négre) و عرفت عند الأهالي بفيلاج النيقرو ، و التسمية لا علاقة لها بسكان هذه الاحياء التي يسكنها الاغلبية من الجزائريين ، ففيلاج النيقرو الأول بمدينة سطيف كان متواجد بالجهة الشرقية للمدينة مكان حى بومرشي حاليا ، و انشأ مباشرة بعد الثورات الشعبية التي عرفتها منطقة سطيف بعد سنة 1870 و خاصة ثورة عزيز بن الحداد المتزامنة مع ثورة الشيخ المقراني و التي سمتها فرنسا بالعصيان المدني و قضت عليها بالحيل و بقوة الحديد و النار و بمساعدة بعض القياد من المنطقة .التشريد و مصادرة الاملاك و تحرير الرق و المجاعة، عوامل رئيسية في نشأة فيلاج النيقرو بمدينة سطيف.
فرنسا بعد قضائها على الثورة الشعبية ، قامت بإرسال زعماء العصيان بمنطقة سطيف كما سمتهم و المقربين منهم الى كالدونيا الجديدة و هذا بعد محاكمتهم بقسنطينة ، كما قامت بمصادرة الاراضي و الاملاك من الاهالي الذين ادينوا بتهمة المشاركة في الأعمال المعادية للجمهورية الفرنسية و عملت على تشريد العائلات و نشر الرذيلة و الانحراف بينهم و هذا كله تمهيدا لطمس التاريخ والشخصية الوطنية الجزائرية وإزالتها من الاعتبار ، فكان القهر باستخدام كل الأساليب والوسائل للوصول إلى ذلك الهدف ، و منها إصدار جملة من القوانين، و الإجراءات الممهدة لمشروعها الاستيطاني الكبير و خاصة قانون التجنيس ، تزامن ذلك مع مجاعات كبيرة او ما عرف عند الأهالي بأعوام الشر حيث نقص الغذاء و العلف ، فأصبح الناس جياع عراة بدون مأوى أو عمل، كل هذه العوامل اسست لظهور الاحياء الهشة و منها فيلاج النيقرو القديم بحى بومرشي الذى سكنه ايضا فئة قليلة جدا من الزنوج و هم البعض من من تحرر من القياد و الملاك الكبار بعد تجريم فرنسا لتجارة الرق و اصدار قانون تحرير العبيد ، ففيلاج النيقرو بسطيف كان يتكون اصلا من الجزائريين الذين ضاقت بهم السبل نتيجة الاحداث التي ذكرناه سابقا ، و سكانه خليط غير متجانس من المشردين و ضحايا الحروب و العبيد المحررين ،و المقهورين من زوال الاملاك ، كل هؤلاء اجتمعوا و بنوا بيوتا من الطوب و الديس خارج اصوار مدينة سطيف في المكان الذى يعرف اليوم بحي ثليجان (bon marche)،و كبر هذا الحى حتى بلغ عدد سكانه في سنة 1921 أكثر من 800 عائلة (صور قديمة للحى) .الدائرة الحمراء في الوسط / حدود المدينة القديمة داخل الأصوار
الدائرة الحمراء على اليمين / حى بومرشي (ثليجان)
الدائرة الحمراء اعلى يسار الصورة / حي بلير